الأحد، 13 مايو 2012

النمل والصرّار

النمل والصرّار

كان الشتاء قاسيا، فدخلت كل الحيوانات الى أوكارها، لتعيش في دفء وسعادة، ولم يبق إلا الصرّار ينتقل من مكان الى مكان عسى أن يراه النمل فيعطف عليه ويمنحه بعض المؤونة، لكنه لم يقل للنمل شيئاً بل ظل محتفظاً بكرامته وانسحب الى وكره مرتعشاً متمنياً أن ينقضي هذا الفصل بخير، راجياً أن ترى عيناه بدايات فصل الربيع كي يغير من حياته ويتخلص مما هو فيه الآن من برد وجوع. وهذا ما حدث.
ما إنْ دخلت أشعة شمس الربيع الدافئة لتلامس جناحيه حتى نهض ينظر حوله في سعادة ويطل على المروج فيرى أصدقاءه من الحشرات في عيد، خاصةً النمل الذي حرمه من حبات القمح في الشتاء فأعطاه بذلك درساً لا ينساه.
دار حول نفسه عدة دورات، وسارع لبدء العمل فوراً من أجل الشتاء المقبل. فمن لا يدّخّر يذق طعم الجوع والبرد. هكذا علمه النمل.
في هذه السنة خفّ انتاج النمل لأن أغنيات الصّرّار ما عادت ترافق عمله، فعقد اجتماعاً برئاسة ملكة النمل، وأرسلت وفداً الى الصرّار ترجوه أن يغني ليبث النشاط في حركة النمل وتقدم له بالمقابل طعاماً لكل الشتاء.
وافق الصرار، وصعد إلى أقرب شجرة وبدأ الغناء. وراح النمل يزداد نشاطاً. وهكذا كان يعمل كل يوم.
وفي يوم من الأيام خطر له أن ينام حتى الظهر ليتمتع بأشعة الشمس. وراح يتقلب بسعادة، يمد يده تارة، ورجله تارة أخرى. وفجأة سمع صوتاً عالياً. لقد كان صوت حارس من حراس الملكة يقول: "بدأ العمل منذ الصباح، وأنت نائم هنا ولا تغني للنمل. أتطمع أن تعطيك الملكة طعام الشتاء جزاء نومك؟ سار الصرار مع الحارس وبدأ يغني وهو لا يرغب في الغناء.
في إحدى المرات، أراد الصرار أن يغني أغنية خاصة به، لكن ملكة النمل أمرته أن يغني غناء العمل فقط. خينئذ قال الصرار: "أنا لست عبداً لها". فقال الحارس: "بل أنت عبد، وعليك أن تنفذ ما تريده الملكة منك. أنسيت أننا نقدم لك طعام يعادل طعام عشر نملات؟"
قفز الصرار من فوق الشجرة، ولم يقف ذليلا خائفاً على طعامه الشتوي، وصرخ بأعلى صوته: "أنا لست عبداً لملكتكم. أغاني أغنيها متى شئت وكيفما شئت. أخبر ملكتك أنني أعرف كيف أجمع مؤونة الشتاء، وأنني لا أريد منها حبة واحدة". وصعد الى الشجرة ليكمل أغنيته الخاصة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق