الأحد، 13 مايو 2012

أمة لست بقارئ ... بقلم : عصام حداد top10

أمة لست بقارئ ... بقلم : عصام حداد top10

أيها السادة إن مشاكل وهموم العرب متقاربة جدا .. وأحاديثهم ونقاشاتهم الروتينية المتكرره متشابهة أكانت داخل المنزل أم في مطعم أو قهوة أو سيران .. ونشكر الله أن هناك شيئا يتشابهون به ..

يقال أن الشعوب العربية تحب التكلم بالسياسة دائما وأي جلسة عندهم لاتخلو من تلك الوجبة الدسمة والتي تأخذ ثلثي المائدة عفوا الجلسة بجميع المستويات الثقافية من الأمي الى أعلى درجات التعليم المفتوح والمغلق والمختوم بالشمع الأحمر ..! وعندما حاولنا معرفة تلك الظاهرة .. شرح لنا أحد المخضرمين وكشف لنا السر وراء ذلك ..!

وقال : أنتم تظنون بالعموم أن العرب يحبون التكلم بالسياسة لخبرتهم وثقافتهم بها .. أو كما يقال أنها تجري في دمائهم ..؟ أبدا أيها السادة فمعظم دماء العربان اليوم يجري فيها شيء واحد فقط هو الجنس والنساء وبعض الشوائب الأخرى ..! أما السبب الحقيقي وراء تلك الظاهرة هو أمران متناقضان لاثالث لهما

أولا : كره العرب للقراءة وابتعادهم عنها مع سابق الإصرار والترصد وكأنها مرض معدي عافانا الله منه ومنها أجمعين .. وثانيا : حب الظهور والفشخرة والمنفخة عند معظمهم ) .

أما ثقافة ( معظمهم ) فهي ثقافة تلفزيونات وجرائد فقط وهم يتابعونها لعدم الإحراج أمام الآخرين .. فمن عاداتهم وتقاليدهم الإفتخار بالقيل والقال دوما ( يعني بالمشرمحي جماعة سمّيعة فقط ) حيث يتناقلون ما يسمعونه من فلان وعلان .. لتبقى الكتب العدو الحقيقي لهم ويعتبروها قد دُسّت عليهم لتغير ثقافاتهم والإستغناء عن عاداتهم الخارقة وتقاليدهم النادرة ومجتمعاتهم المميزة .. والتي يظنون أن لا مثيل لها على الأرض وفي الكون ..!

ومن الصفات الغريبة والنادرة عندهم .. أنه من المعيب أن يقول أحدهم ( مابعرف أو ماسمعت بهالخبر أو الموضوع ) لأن العربي يعتقد أنه يجب أن يعرف كل شيء في الدنيا ويفهم بالطب والهندسة والنجارة والحدادة والميكانيك والطبخ والإقتصاد والمال والتجارة والتكنولوجيا والفضاء ..

أي مفروض عليه أن يشغل باله ويحشي دماغه بما يفيده وما لا يفيده .. وإلا أعتبر جاهلا وتبقى وصمة عار تقلل من قدره وقيمته وثقافته المتنوعة .. صحيح أن العلم جميل والمعرفة الشاملة أجمل .. لكن التناقض هنا ( أن من يدّعي معرفة كل شيء عليه أن يقضي جلّ وقته بقراءة الكتب ليزيد من ثقافته وعلمه بذلك فقط يستطيع التحدث بكل شيء تقريبا .. أما أن لا يقرأ شيئا في حياته ويدّعي الفهم بكل شيء فتلك مصيبتنا ..! ).

وبما أن النسبة العظمى منهم كما قلنا لايقرأون شيئا منذ ولادتهم حتى إخراج شهادة وفاة لهم رحمهم الله أجمعين ..!

فمن الطبيعي عدم استطاعتهم الدخول في أي حوار بشكل علمي أو أكاديمي .. وبذلك يكون أسهل شيئ عندهم نقل ما سمعوه مع التبهير للأخبار المنقولة وغير المنقولة الأميرية منها والملكية والزراعية والمخالفة .. وطبعا لا بد للعربي من ( المنفخة ) وهي جينة وراثية لايمكن الإستغناء عنها ( والمنفخة من منفاخ صمم لنفخ دواليب العربات .. وقد عدّل عليه العرب لاستعماله بنفخ البشر .. وأحيانا ينفخ به الشخص نفسه حتى يحقق ذاته ويثبت وجوده إن بخل عليه الناس بالنفخ !) .

والعربي أيضا يحب التفاخر بمعرفة فلان وعلتان لتقوية ظهره وردع أي عدوان محتمل عليه ..! أما عندما يريد إثبات صحة أي حديث وإقناعك بشكل ديموقراطي يقول لك : أنه التقى فلان من فوق وأكد له صحة الخبر ( وكلمة من فوق محببة جدا ومهمة عند بني يعرب ) وعند سماعها ينظر الجميع لفوق فيشكرون ويحمدون .. وبذلك فقط يستطيع إفحام الجميع ديموقراطيا وإقناعهم بدون نقاش ..

وكل ذلك ليظهر أمامهم أنه ليس مقطوع من شجرة وأنه يعرف فروعا وأغصانا كثيرة .. لأنه حسب ظنه إن كشفه زملائه بأنه لا يعرف أحد من فوق يصبح بنظرهم غير محترم ولن يخافه أحد وليس له قيمة في المجتمع وحتى لو كان حاصلا على أعلى الشهادات فكل مايقوله خطأ بخطأ ..!

وسبب تلك الظاهرة هو تفردهم بجينة قوية والقوة لله وحده ( تلك الجينة تجعل الفرد منهم يبحث منذ ولادته وحتى وفاته عن كيفية إخافة الجميع منه .. ولايفكر مطلقا بالتفكير السخيف المتبع عند شعوب العالم ألا وهو البحث عن الإحترام المتبادل بينه وبين أفراد مجتمعه ) وتلك جينة أساسية تأتي معه من بطن الصنع ..!


وفي جلساتهم تبدأ الحصة الأولى لزياراتهم بالتحليلات وما سمعوه .. ويجهبذ كل منهم ليثبت للحضور الكريم أنه مخضرم بالسياسة ولا يقطع وقتا عفوا خبرا سمعه ..! فإن شعر أحدهم بأنه ضعيف أمام خصمه عفوا جليسه .. وقد تفوق عليه واتجهت نظرات الجميع له واستلم الساحة كما نقول .. يرنّ الجرس ويغيّر الموضوع لتبدأ الحصة الثانية بحديث آخر لايحتاج لأي ثقافة وفي الغالب يكون حديث الغلاء وارتفاع الأسعار .. هذا الحديث الذي لا يستطيع أحد التفوق على أحد به .

وبعد ذلك تبدأ الحصة الثالثة والمخصصة لحديث الرشوة والفساد .. وطبعا الإتهامات جاهزة للمعتر الذي يأتي دوره .. والعجيب أن نفس المتناقشين تراهم في أغلب الأحيان غارقين في الفساد والرشوة ( لكن من المعروف عند بني يعرب أن الإنتقاد والوعظ والتحذير والكلام عن فساد الآخرين شيء ومحاسبة الذات وإصلاحها أولا شيء آخر مختلف تماما ولارابط أخلاقي بين الأمرين بتاتا ! ) .

وبعد أن يفضح كل منهم غريمه الذي يكرهه يتملكهم الإنتعاش والإنتصار .. لتبدأ الحصة الرابعة وهي مادة الديانة والتي يتحول فيها الحضور الى دعاة حقيقيون للأخلاق والشرف والعفة ويبدأ الكلام عن الحرام والحلال مع ذكر بعض الأحاديث والأقوال .. وهكذا حتى تغرق ثيابهم من الدموع والخشوع والخضوع ليصحون على الآذن وهو يضرب الجرس لتقديم الضيافة ..

وعندما تبدأ أضراس العربي بالتحرك يفرفش حينها تبدا الحصة الخامسة وهي ( كيفيّه ! ) أي أنهم يستطيعون التكلم بما يشاؤون عن أعمالهم وأملاكهم وتجارتهم وشطارة كل منهم في الإحتيال على الأنظمة والقوانين وتكسير رأس فلان وتمرير تلك الصفقة أو الواسطة أو الرشوة .. وكأنهم نسوا الحصة الثالثة ولم يتذكروا كلمة واحدة من الحصة الرابعة ..

أما نسائهم فجلساتهم مشابهة مع الإختلاف بالنوع والكم .. فتسمع أحاديثهم عن فلانة وعلتانة والطبخ والنفخ مع أن النفخ اليوم أصبح نوعان وهو لايتعلق بالطبخ فقط .. وأيضا عملهم رن الجرس بين كل حصة وحصة وتقديم الضيافة تلو الأخرى حتى لاينشف ريقهم وريق رجالهم المتناقشين والذين يخوضون غمار العلم والمغرفة ..!

لكن على المتناقشين الإنتباه والحذر..! فالويل والثبور وعظائم الأمور لمن يقول للآخر أنت مخطئ أو ( شو بعرفك يازلمة بهالموضوع ..! ) حينها ستسمع الحارة والجيران أصواتهم على نغم الجعير والعجم وأحيانا العراك عفوا العراق كار الحزين ..

ويمكن أن تحضر الشرطة على أصواتهم ظنا منها أن هناك كارثة حصلت ليتبين لها أنه مجرد نقاش بسيط بين أصدقاء ( فكلمة أنت مخطئ لأي عربي هي شتيمة ومسبة وإهانة لا تغتفر وهي محظورة حتى في المعاجم وعلى جميع المستويات وهي ليست خط أحمر فقط إنما الكلمة بحد ذاتها حمراء وممنوعة من الصرف .. وهذا لا نقاش فيه أبدا عند أي عربي ) ، فمن يدرك هذا الأمر نجى ورضي الله عليه وارضاه وأدخله الجنة وفاز فوزا عظيما .. ومن استحمر في تلك النقطة أي استعمل اللون الأحمر ولم يدرك خطورته أوقع نفسه في شرك عظيم ومات ميتة الجاهلية .. وهكذا دواليك ينتقلون من حديث لآخر حتى يتنحنح الضيف ويقرر أن يقوم عن كرسيه التي كرهت نفسها وملت منه بعد خمس أو ست ساعات .. ليودع مضيفه ويذهب وهو سعيد بما حققه من إنجازات .. وكيف لا وقد قاموا بحل جميع أمور الأمة العالقة وغير العالقة ..

والغريب أنهم في كل جلسة يكررون نفس الأسطوانة من أولها الى آخرها حتى لو لم يكن بين الجلستين يوم واحد ( إذ ماذا سيتكلم جماعة فاضيين يجلسون مع بعضهم كل تلك الساعات مرة أو مرتان أو أربع خمس ست سبع مرات بالأسبوع ..؟! ) ومعظمهم علماء يفهمون في كل شيء ( إلا اختصاصاتهم وعملهم وأنظمتهم وقوانينهم ..! ) .

يقول المخضرم : لذلك أطلقت على العرب اسما جديدا هو ( القوم السميعة ) لأنهم يقولون مايسمعون لاما يقرأون .. وأظن أن الجينة الوراثية والتي يجب أن يتفاخر فيها العرب ألا وهي كلمة ( إقرأ ) قد ألغيت مع الزمن وحل مكانها الجينة العملية السهلة ( لست بقارئ ) والتي باتت موجودة بالشريط الوراثي قسم الذكورية فرع الرجولة إدارة العنجهية وزارة عدم قبول الآخر مهما كان فهيما ..! وهنا يأتي التماثل العجيب في الجينات الوراثية المتسلسلة وهي : جينة ( لست بقارئ .. لست بفاعل .. لست بعامل .. لست بفاهم .. لست بمخطئ ) سلسلة لاتنتهي من أخوات لست التي لم يسمع بها حتى سيبويه نفسه .. وهي سهلة الإستعمال وتوزع مجانا ويتم التخفيضات عليها بعد الساعة العاشرة وفي العطل والأعياد الرسمية ..

وبعد أن اكتشفنا حقيقة الموضوع أقول : ألا تستغرب أيها العربي عندما ترى شعوب العالم وأهتمامها بالعمل وتقديسها له .. ألا تستغرب عندما ترى المدير والأخصائي والعامل يعملون كخلية نحل ويتبادلون الإحترام ويتقنون تفاصيل عملهم ولا يتدخل أحد باختصاص غيره وكل منهم يحترم مستوى الآخر وعلمه وخبرته دون رغي وكلام وفلسفة وحسد ونميمة وخوازيق ووو ..؟! ألا تستغرب عندما تراهم يبنون بلدهم ويهتمون بأدق التفاصيل الإدارية والخدمية والبيئية لراحة مجتمعاتهم ( ويتابعونها حتى بعد انتهاء العمل بها بترميمها وصيانتها الدائمة والتي لاتقل أهمية عندهم عن إنشائها ) .. بربك ألا تشعر بالغيرة الإيجابية وتسأل نفسك : بماذا يختلف هؤلاء القوم عنا وبماذا يتميزون ..؟ وكيف وصلوا لتلك الثقافة العالية بحب العمل وتقديسه والتي أوصلتهم لتلك الحضارة والتحكم برقابنا ..؟ ألا يدفعك ذلك للقراءة والبحث وطلب العلم بدل تلك الجلسات العديمة الفائدة والمنفخة والتحدي والجهل المطبق الذي نغرق به ..؟

ألم تخلق البشرية من صلب واحد ألا وهو آدم عليه السلام أي أنها نوع واحد ( أليست مجتمعاتهم كمجتمعاتنا فيها المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي ومنهم الخلوق والسيء والمتدين والآمتدين .. فلماذا نظن أن شعوبنا مختلفة عن غيرها دائما ..؟ ) .

هل صحيح أننا نتميز بخصائص رائعة وفريدة لايتميز بها أحد غيرنا ..؟ أم أن تلك العبارات تطلق لتبرير تخلفنا واستهتارنا وكرهنا للعمل والنظام ..؟ هل التربية المنزلية لها دور في تكوين إنسان مخلص ومحب لعمله يتميز بتلك الصفات ..؟ هل التقاليد والعادات تؤثر علينا ..؟ هل مفهومنا للعمل يختلف عن مفهوم العالم أجمع ..؟

بالنهاية أيها السادة لم ولن أعمم مع أنه بصراحة معظمنا هكذا .. لكن هذا الموضوع هو من أهم المواضيع التي تستحق منّا جميعا الوقوف عنده كثيرا ومناقشته بجدية وعلى جميع المستويات لمعرفة السبب وراء ( كرهنا للقراءة .. انعدام الثقافة .. عدم تقديسنا للعمل واحترامنا للنظام .. عدم احترامنا لبعضنا وحتى للعالم أيضا .. رؤية القشة في أعين الآخرين وعدم رؤية المسلّة في أعيننا .. حب الظهور ولو على كومة قش .. وأخيرا تحوّلهم لأمة ( إقرأ ) وتحولنا لأمة ( لست بقارئ ) .!! ) وشكرا لكم .
http://www.syria-new...p?sy_seq=111059

مذكرات من حاوية القمامة - 11 غيورغي فاسيلييف

مذكرات من حاوية القمامة - 11
غيورغي فاسيلييف


الشيء المعروف عادة معروف لقلة قليلة من الناس!
* * *
يغطون بقع الدم على ألبستهم بالأوسمة!
* * *
لا ترحم الماضي، فهو لم يرحمك!
* * *
"ارفع رأسك عاليا"! قال السفاح للمحكوم عليه بالاعدام!
* * *
يبحث عن معنى الحياة ذلك الذي لم يعش السعادة!
* * *
ماكدونالدز – اضافة الى كونها شبكة مطاعم مشهورة، هي شبكة تواليتات مجانية في كل العالم!
* * *
كل الحروب المحلية أهدافها محلية، أما الحروب العالمية، فهدفها العالم!
* * *
"عندما تتكلم العربية طول اليوم ترجع الى البيت سكرانا"!
* * *
جاء جبريل الى محمد فلم يجده، لأن محمداً كان مع حريمه!
* * *
إذا اردت ان تعرف علاقة الناس بك ونظرتهم اليك، قم بعمل احمق، وابقَ على جانب، وانظر واسمع!
* * *
اذا عرفت الكثير اعترفت بالكثير!
* * *
اذا اردت ان تبتسم لك الحياة، يجب عليك في البداية ان تبتسم لها!
* * *
اصنعوا الأساطير عن انفسكم، فالآلهة بدأت من هذا!
* * *
الانسان الذكي ليس ذلك الذي يقرأ كثيراً، بل ذلك الذي يفكر كثيرا بالذي قرأه!
* * *
الأغنام سليمة، والذئاب شبعانة، عاش الراعي!
* * *
لو طبق كل شخص الوصايا العشر، لما وجدت اي شيء تتكلم عنه، ولا احدا تحدثه!
* * *
مبدأ الاشتراكية هو مصادرة ثروة الغني، وعدم اعطائها للفقير!
* * *
يوجد عند احد ما شيء يتذكره، وعند شخص آخر يوجد شيء يحاول ان ينساه!
* * *
اضافة الى الكتاب القديم والكلب القديم والمال الذي يجمعه المرء هناك اصدقاء أوفياء آخرون!
* * *
اكثر الذين يجيدون الاصغاء جيدا، هم اولئك الذين لايجب عليك، وكان من الأفضل لك ألا تثرثر امامهم!
* * *
أحيانا أفضل طريقة للعطاء تكمن في ألا تأخذ!
* * *
العرب خارج تحكم الوقت!
* * *
ليس نحن من يسير في الحياة، بل الحياة تسير بنا!
* * *

النمل والصرّار

النمل والصرّار

كان الشتاء قاسيا، فدخلت كل الحيوانات الى أوكارها، لتعيش في دفء وسعادة، ولم يبق إلا الصرّار ينتقل من مكان الى مكان عسى أن يراه النمل فيعطف عليه ويمنحه بعض المؤونة، لكنه لم يقل للنمل شيئاً بل ظل محتفظاً بكرامته وانسحب الى وكره مرتعشاً متمنياً أن ينقضي هذا الفصل بخير، راجياً أن ترى عيناه بدايات فصل الربيع كي يغير من حياته ويتخلص مما هو فيه الآن من برد وجوع. وهذا ما حدث.
ما إنْ دخلت أشعة شمس الربيع الدافئة لتلامس جناحيه حتى نهض ينظر حوله في سعادة ويطل على المروج فيرى أصدقاءه من الحشرات في عيد، خاصةً النمل الذي حرمه من حبات القمح في الشتاء فأعطاه بذلك درساً لا ينساه.
دار حول نفسه عدة دورات، وسارع لبدء العمل فوراً من أجل الشتاء المقبل. فمن لا يدّخّر يذق طعم الجوع والبرد. هكذا علمه النمل.
في هذه السنة خفّ انتاج النمل لأن أغنيات الصّرّار ما عادت ترافق عمله، فعقد اجتماعاً برئاسة ملكة النمل، وأرسلت وفداً الى الصرّار ترجوه أن يغني ليبث النشاط في حركة النمل وتقدم له بالمقابل طعاماً لكل الشتاء.
وافق الصرار، وصعد إلى أقرب شجرة وبدأ الغناء. وراح النمل يزداد نشاطاً. وهكذا كان يعمل كل يوم.
وفي يوم من الأيام خطر له أن ينام حتى الظهر ليتمتع بأشعة الشمس. وراح يتقلب بسعادة، يمد يده تارة، ورجله تارة أخرى. وفجأة سمع صوتاً عالياً. لقد كان صوت حارس من حراس الملكة يقول: "بدأ العمل منذ الصباح، وأنت نائم هنا ولا تغني للنمل. أتطمع أن تعطيك الملكة طعام الشتاء جزاء نومك؟ سار الصرار مع الحارس وبدأ يغني وهو لا يرغب في الغناء.
في إحدى المرات، أراد الصرار أن يغني أغنية خاصة به، لكن ملكة النمل أمرته أن يغني غناء العمل فقط. خينئذ قال الصرار: "أنا لست عبداً لها". فقال الحارس: "بل أنت عبد، وعليك أن تنفذ ما تريده الملكة منك. أنسيت أننا نقدم لك طعام يعادل طعام عشر نملات؟"
قفز الصرار من فوق الشجرة، ولم يقف ذليلا خائفاً على طعامه الشتوي، وصرخ بأعلى صوته: "أنا لست عبداً لملكتكم. أغاني أغنيها متى شئت وكيفما شئت. أخبر ملكتك أنني أعرف كيف أجمع مؤونة الشتاء، وأنني لا أريد منها حبة واحدة". وصعد الى الشجرة ليكمل أغنيته الخاصة.